الشريط الإخباري

فوائض القوة وفيض الحق- بقلم: علي نصر الله

المواقف السياسية الدولية التي تَسير باتجاهين مُتعاكسين إذا كانت تُؤشر لمَخاض صعب تتساوى فيه -ربما- الاحتمالات المُتأرجحة بين الانفراج والانفجار، فإنها لا تُخفي الانقسام الحاصل داخل مُعسكرات الشر، بل تُؤكده بمُؤشرات الواقع، وهو الانقسام الذي تَفضحه زلات اللسان وتَشرحه مُفردات الطيش والرعونة التي يُطلقها أصحابها في سياق التعبير عن الرغبات، تلك القائمة منها على الوهم والأنانية، وتلك القائمة على الظلم والعدوان والتطاول.

أيّ مُستويات من النفاق والمَكر والكذب تلك التي لم تَبلغها واشنطن وفريقها وتتطلع لتجاوزها بسقوف مفتوحة على الدجل والبلطجة؟ وأيّ قدرات على الإنكار تَكتنزها واشنطن ومُلحقاتها حتى في أثناء تَشظّيها كقوى تأتلف في محور تَتكسّر أضلاعه وتتحطم مشاريعه؟

إنّ محاولات التشكيك بمَشروعية إجراء الانتخابات الرئاسية التي نقف على بعد أيام منها كاستحقاق وطني سوري خالص، إذا كان من المُتوقع عمل دول محور العدوان على تكثيفها يوماً بعد يوم، والاشتغال على التصعيد فيها كلما اقتربنا من يومنا الوطني الانتخابي الطويل، فإنها ستَبقى المُحاولات التي لا قيمة لها حتى على مُستوى التشويش لا التضليل الذي تَكشفت للعالم مسرحياته ومسارحه.

وإنّ محاولة الهروب إلى الأمام بتأبط رزمة الوهم التي تَنطوي عليها الانتقائية بقراءة 2254 بمُقابل التجاهل التام لمَضامين مهمة في 2253، وصولاً لإعلان عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، ستَبقى المُحاولة اليائسة والخيار الوحيد أمام منظومة العدوان، ذلك في ظل الحالة المُسيطرة على أغلبية مُكوناتها، ذلك أشبه بالعجز أم أقرب للإفلاس من بعد التقديرات الحالمة؟

في كل الحالات، ومع جميع الاحتمالات التي يَشتغل عليها تحالف العدوان ويتحرك على نتوءاتها وحَوافها، فإنّ ما ينبغي له القيام به في هذه اللحظة، في هذا التوقيت، هو التّخلي عن نوازع التطرف والهيمنة، والمُحاولة الذاتية بالمبادرة إلى تبريد دوافع العدوان والبلطجة، والتصالح مع واقع مُختلف قبل فوات الأوان الذي قد لا تتوقف بعده الانهيارات المُؤلمة، ذلك أنّ ادّعاء امتلاك فوائض قوّة لا يكفي لتحقيق الرغبات الشيطانية، بل إنّ استخدامها لا يَكفل ذلك، بدليل أنّ فيض الحق السوري بدّدَ أحلام الطُّغاة، ويَحملُ اليوم -بكفاءة- خشبة الخلاص للعالم ربما وليس للمنطقة فقط.

استحقاقنا الدستوري نَمضي معه، وسيَمضي بنا ليس إلى الخَواتيم التي لن تُقيم أيّ وزن لتصريح حاقد من هنا أو مَوقف خائب ناقم من هناك، بل نَمضي معاً إلى النهايات الوطنية، حيثُ يُمثل استكمال ما أنجزه جيشنا البطل الواجب الذي لا يَجوز التخلف عنه، وحيثُ يَنبغي عدم التهاون بمُراكمة الفعل المُجسِّد للانتصار، بكل مَعانيه، وعلى جميع المُستويات السياسية كما التنموية، التي تَنبني اليوم على ناجز ناتج المعركة مع الإرهاب وداعميه.

يُحكى في هذه الأثناء عن تَحولات كُبرى تَجري، وربما في سياق تَجميل هزيمة محور العدوان يُحكى عن مُبادرات سياسية، وعن تفاهمات دولية، يُقال إنها ستكون شاملة، ومن شأنها أن تُفكك العُقَد وتَنزع فتيل كل تفجير، ولكن تكاد لا تنتهي عمليّة رصف الكلمات على النَمطية المُنتجة تَسويات مُحتملة حتى تَظهر نغمة أخرى تُعرّي أصحابها وتَكشف حقيقة أنهم لم يُغادروا خانة الوهم التي يُقيمون فيها، فهل يَرى هؤلاء لدى الطرف الآخر ما لم يَستخدمه بعد مما يَمتلك من فوائض القوّة، إذا كانوا لا يريدون الاعتراف بما أنتجه فيض الحق السوري الذي مَحَقَ الباطل الصهيوأطلسي؟.